mercredi 12 avril 2023

                                                                  محاضرة : قضية وحدة الأديان   (الجزء 3)

    يجب  أولاً  تقديم   بعض  الملاحظات   المنهجية   حول    وحدة   الأديان

 و الانحرافات المختلفة التي مر بها الفكر العربي الإسلامي والتي أدت في النهاية إلى ترسيخ ثقافة التعصب والانغلاق الذاتي دون إمكانية الانفتاح على معرفة وعلوم العالم الخارجي (وخاصة عالم التنوير الأوروبي) 

-         الملاحظة  الأولى : شهد الفكر الإسلامي (بعد محاولات فكرية في الاجتهاد عبر التاريخ) انحرافات خطيرة ابتعدت عن المفهوم الأرثوذكسي للقرآن. وتجدر الإشارة إلى أن الافتاء الصادر عن السعودية هو آخر مثال تم تسجيله مؤخرًا يؤكد هذه الانحرافات ويحمل كل صفات التكفير والإقصاء والتعصب تجاه المسيحيين واليهود كما ذكرنا سابقًا.

  هذا الموضوع الواسع و  المعقد جدا (والذي يتعلق بالانحرافات المتعددة على مستويات مختلفة من المعرفة الإسلامية مقارنة بالمنهج القرآني والفضائل النبوية: الدينية والفقهية والسياسية والفلسفية وما إلى ذلك...  درسناه بالتفصيل في كتابنا (مدخل الى الفكر العربي الإسلامي...) والذي تم اختياره  (ترشيحه) لجائزة الشيخ زايد للكتاب لدورتها السابعة عشر 2022-2023 التي تنظمها دولة الإمارات العربية المتحدة كل عام.

للتذكير فقط : لا بد لي من كسر الحظر المقدس  (tabou sacré)الذي رعاه ممثلو الفقه الإسلامي المحافظ  عبر التاريخ بالقول  :   اقترحنا أن نبين في هذا الكتاب أن جمود وركود المجتمعات العربية (التي نشأت منذ القرن الثاني عشر الميلادي) يأتيان أساسًا من تأثير الجانب الظلامي والمحافظ والتخلي عن الجانب العقلاني للفكر العربي الإسلامي .  وهذا الركود الذي سيؤدي لاحقًا إلى حالات من التخلف يرجع، في رأينا، إلى الانحرافات المختلفة التي عرفها الفكر العربي الإسلامي والتي أدت في النهاية إلى ترسيخ ثقافة التعصب والانغلاق على الذات، ودون التمكن من  الانفتاح على معرفة وعلوم العالم الخارجي (وخاصة عالم التنوير الأوروبي).

 كما حرصنا على الدراسة المنهجية لهذا الموضوع المعقد بالتفصيل في هذا الكتاب ،تتلخص هذه الانحرافات (في عدة مواضيع كانت موضوع الاختلافات النظرية والفلسفية) على النحو التالي:

- أولا :على ا لمستوى الفقهي:  تأتي هذه الانحرافات من داخل المجتمع العربي الإسلامي نفسه، والذي بدأ مع الإمام أحمد بن حنبل (في القرن الثامن الميلادي) وانتهى بسيد قطب (في القرن العشرين) عبر ابن تيمية (في القرن الثالث عشر الميلادي).

- ثانيا : على المستوى الفلسفي، يمكن تلخيص تفسير جمود المجتمعات العربية الإسلامية في سبع (7) نقاط  و هي في نفس الوقت مستويات من التراجع عن الجانب العقلاني للفكر الإسلامي عبر التاريخ:

 -1 الأولى: التخلي عن مبادئ مفهوم "الديمقراطية" الإسلامية العادلة التي جاء بها القرآن الكريم على أساس "الشورى" و "الإجماع" و "البيعة" (التي طبقها الخلفاء الراشدون) " واعتماد مبدأ "الطاعة لأولياء الأمر"

2-الثانية:  انتصار الفكر المثالي لأبو حميد الغزالي (المعبر عنه في اختياره للصوفية علمًا إسلاميًا حصريًا وفريدًا)  على الفكر العقلاني لابن رشد الذي كان من الممكن أن يعيد إطلاق نهضة المجتمع العربي الإسلامي على غرار ما تحقق في أوروبا بفضل فكر التنوير

3- الثالثة-: تراجع أبو حسن الأشعري (التي ستصبح افكاره  مرجعية أساسية لأهل السنة والجماعة بشكل نهائي و دائم) عن الفكر العقلاني للمدرسة المعتزلة.

4-الرابعة-:  تبني ابو حميد الغزالي للفكر المثالي (من خلال عودته إلى الرؤية الصوفية) وانتقاده للفكر الإسلامي الفلسفي العقلاني الذي تبناه سابقًا أسلافه مثل ابن سينا ​​والفارابي بشكل خاص (في كتابه "تهافت الفلاسفة" الذي سينتقده لاحقًا من قبل ابن رشد في كتابه "تهافت التهافت")

5-الخامسة :  تهميش المعتزلة والفلسفة العقلانية مثل فلسفة ابن رشد بشكل نهائي في المجتمعات العربية،.

6- النقطة السادسة : والاعتماد النهائي (بروح التقديس) للتوجه السلفي المحافظ الذي سيشكل المحور النظري والتاريخي التالي:

بن حنبل - الأشعري - الغزالي – ابن تيمية – رشيج رضا – حسن البنا - سيد قطب .

 7-النقطة السابعة:  التخلي عن فكر النهضة التي جسدها جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وعبد الرحمن الكواكبي (الذي كان من الممكن أن يتجنب استعمار المجتمعات العربية ويسمح بتقدمها وتنميتها الحقيقية بين أمم العالم المعاصر) وتأثير الفكر السلفي (الذي تبناه حسن البنا وسيد قطب و أنصارهم المنتمون الى السلفية الجهادية) على الفكر الإسلامي طوال القرن العشرين.

Quintessence Connaissance Tolérance 2018 Copyright. All rights reserved. Designed by رواد المعلوميات