قضية وحدة الأديان (الجزء4 )
-الملاحظة
الثانية حول وحدة الأديان والانحرافات المختلفة التي مر بها الفكر العربي
الإسلامي والتي أدت في النهاية إلى ترسيخ ثقافة التعصب والانغلاق : هذه
التفسيرات الخاطئة لنصوص القرآن لا تأتي فقط من
الانحرافات الداخلية التي عاشها الفكر العربي الإسلامي، ولكن قبل كل شيء من تأثير
بما يسمى "الإسرائيليات" على الفكر
الإسلامي عبر التاريخ بفضل مساهمة بعض علماء
الإسلام من أصل أوروبي الذين
يسمون بـ "المستشرقين" (islamologues orientalistes).(أقول وأحدد إلا أن بعض المستشرقين فقط ساهموا في تأثير الإسرائيليات على الفكر العربي الإسلامي حيث ساهم
غالبيتهم في تعميق هذا الفكر وترسيخه)
يجب أن نتوقف عند السؤال
المعقد حول تأثير الاستشراق على الفكر العربي
الإسلامي. وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن هذه المسألة تتطلب عدة جلسات عمل لدراسة
الشروط المنهجية التي تفترضها مثل هذه الدراسة مسبقًا.
بدأ نقد الاستشراق (بمعنى تأثير الفكر اليوناني الأرسطي
الأفلاطوني على الثقافة الإسلامية) قبل الأوان مع أبو
حامد الغزالي
(451-505 هـ / 1058-1111م).
بفضل انتقاداته التي تمت
صياغتها فيما يتعلق بالفلسفة، أصبح المدافع الاستثنائي تاريخيًا و
"الوصي" على خصوصية "المعرفة
الإسلامية" من أجل تعريف دقيق لـ "الحدود"
المنهجية والمعرفية بين الفكر الإسلامي والفكر الهيليني الأرسطي والأفلاطوني.
بهذا المعنى، يبني من خلال
أعماله (بما في ذلك انتقادات الفكر الهيليني) حجة قوية ضد الفكر الاستشراقي الذي ينكر وجود فلسفة إسلامية مستقلة من ناحية، وضد
الآثار المنهجية للفكر الأرسطي على الفكر الديني والفلسفي الإسلامي من ناحية أخرى.
ونظراً لإصراره على الدفاع
عن طبيعة وخصوصية الفكر الإسلامي وانتقاداته التي وجهها بخصوص "الفلاسفة
العرب المسلمين الهيلينيين"( يستهدف هنا الفارابي
وابن سينا على وجه الخصوص في كتابه "تهافت
الفلاسفة")، فإن المسلمين السنة يمنحون الغزالي لقب "حجة الإسلام" " ( او " ضامن الإسلام")
ومع ذلك، سيجد المستشرقون صعوبة في تفسير أطروحات الغزالي، من خلال الاحتفاظ بنقده
المنهجي لتأثير الفكر اليوناني الهيليني على الفكر الإسلامي، كحجة لدعم أطروحتهم
في النفي. من فلسفة إسلامية خاصة ومستقلة.
